Sunday, June 7, 2009

الشاعرات المسلمات

الشاعرات المسلمات

في عهد سيد الكائنات صلى الله عليه وسلم

محمد عبدالواحد كلشن

الحمد لأهله والصلوة على أهلها، أما بعد!

الشعر في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم

مما لا ريب فيه أن شعراء القبائل قبل الإسلام ظلوا ينظمون شعرهم بالصورة الجاهلية إلى أن دخلوا في الإسلام، وكان الموت قد سبق إلى كثيرين منهم فماتوا قبل اسلامهم وحرى بهؤلاء أن يدخلوا في عمار الجاهلين، فهم ليسوا مخضرمين بالمعنى الصحيح للخضرمة، ومن ثم كنا نخرج دريد بن الصمة والأعشى وأمية بن أبي الصلت والأسود بن يعفر النهشلي وأضرابهم من سلك المخضرمين وننظمهم في سلك الجاهلين، لأن الموت أدركهم قبل أن يتم الله عليهم نعمة الإسلام.

لم تكن مكة في الجاهلية تعرف بشعر الا بعض مقطوعات تنسب لورقة بن نوفل وغيرهم من المتحنفين ومقطوعات أخرى تنسب لبعض فتيانها مثل نبيه ومسافر الذين ترجم لها أبو الفرج في أغنيه.

فلما نشبت الحرب بينها وبين الرسول لمعت فيها أسماء شعراء كثيرين مثل أبي سفيان بن الحارث وعبدالله بن الزبعري وضرار بن الخطاب الفهري وأبي عزة الجمحى وهبيرة بن أبي وهب المخزومي.

وقد أخذوا يسدون سهام أشعار الكفار إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين أنصاره من المدينة وعز ذلك عليه لا لإنهم كانوا يهجونه فحسب، بل أيضا لأنهم كانوا يصدون عن سبيل الله بما يذيع من شعرهم في القبائل العربية فقال للأنصار "مايمنع القوم الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسلاحهم أن ينصروه بألسنهم؟ فقال حسان بن ثابت: أنالها، وأخذ بطرف لسانه وقال: والله ما يسرني به مقول بين بصري وصنعاء.(1).

وانضم إليه كعب بن مالك وعبدالله بن رواحة فاحتدم الهجاء بينهم وبين شعراء مكة يقول ابن السلام كان يحمل كل غثاء من الشعر حتى أفسده وهجنه(2).

أن ابن السلام نفسه يثبت لأبي سفيان بن الحارث قصيدة كافية ناقض في يوم أحد كافية كان قد نظمها حسان بعد وقعة بدر(3).

وقد اثبت لابن الزبعري قصيدته التي قالها في نفس اليوم والتي فيها(4).

ليت أشيا ببدر شهدوا
ضجر الخزرج من وقع الأسل
حين ألقت بقباء بركها
واستحر القتل في عبدالأشل
فقبلنا النصف من سادتهم
وعدل ميل بدر فاعتدل

وأيضا فانه أثبت لأبي عزة ميمية يحرض فيها بنى كنانة وقال عن هبيرة بن أبي وهب أنه كان شديد العداوة لله ولرسوله، وهو الذي يقول في أحد(1).

قدنا كنانة من أكناف ذيمن
عرض البلاد على ما كان يزجيها
قالت كنانة: أنى تذهبون بنا
قلنا: النخيل فأموها وما فيها

وكان في الطرف المقابل حسان وكعب وابن رواحة وحسان أشعر الثلاثة يقول ابن السلام: وهو كثير الشعر جيده "ويقال ان أول ما جرى به لسانه حين سله على قريش هذه الأبيات يتحدى بها ابا سفيان بن الحارث(2).

هجوت محمدا فأجبت عنه
وعندالله في ذاك الجزاء
فان أبي ووالده وعرضي
لعرض محمد منكم وقاء
أتهجوه ولست له بكفأ
فشر كما لخير كما الفداء

وقد وجه الرسول نفسه حسانا اذ قال له:

"اذهب إلى أبي بكر فليحدثك حديث القوم وأيامهم وأحسابهم ثم أهجم وجبريل معك".(1).

من يرجع إلى ديوانه يجد فيه شعاعات اسلامية مختلفة كقوله في رثاء حمزة عم الرسول حين قتل في موقعة أحد يذكر مصيره ومصير قتلى قريش(2).

وان جنان الخلد منـزله بها
وأمر الذي يقضي الأمور سريع
وقتلاكم في النار أفضل رزقهم
حميم معا في جوفها وضريع
وقوله:

فأنزل ربي للنبي جنوده
وأيده بالنصر في كل مشهد(3).

الشعراء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم

إن عدة من الأصحاب كانوا الشعراء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأشهر الشعراء الذين يذبون عن الإسلام الثلاثة كما قال الشيخ الحسين بن محمد بن الحسن الديار بكري في كتابه تاريخ الخميس.

كعب بن مالك وعبدالله بن رواحة الخزرجي الأنصاري وحسان بن ثابت بن المنذر بن عمر بن حزام الأنصاري وعامر بن الأكوع

وأنجشة وأنجشة العبد الأسود وكان حسن الحداء قال أنس كان البراء ابن مالك يحدو بالرجال وأنجشة يحدو بالنساء وقد كان يحدو وينشد القريض والرجز فقال عليه السلام كما في رواية البراء بن مالك "رويدك وفقا بالقوارير" وفي المشكوة "لا تكسر القوارير"(1).

الشاعرات في عهد النبوة

إن عدة من المسلمات كن الشاعرات في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأشهر الشاعرات اللاتي مدحن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم منهن: حليمة السعدية وخديجة بنت خويلد، ورقية بنت عبدالمطلب وزينب بنت عقيل، والشيماء السعدية وصفية بنت عبدالمطلب وعاتكه بنت عبدالمطلب وفاطمة الزهراء بنت محمد صلى الله عليه وسلم وقتيلة بنت النضر ونائله بنت الفرافصة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

1. حليمة السعدية رضي الله تعالى عنها

هي حليمة بنت أبي ذؤيب واسمه عبدالله بن الحارث أو الحارث بن عبدالله وحين ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم التمست له أمه آمنة بنت وهب الرضعاء واسترضع له من حليمة، فهي أمه من الرضاعة وخبر استرضاعها وتربيته صلى الله عليه وسلم طويل ومعروف(2).

ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما كان بالجعرانة اذ أقلبت امرأة بدوية فلما دنت من النبي بسط لها رداءه، فجلست عليه، ورحب بها وأكرمها قالت حليمة ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رد إلى مكة.

لا هم رب الراكب المسافر
مهاجرا قلب بخير طائر
واحفظه لي من أعين السواحر
وعين كل حاسد وفاجر
وحية ترصد بالهواجر
حتى تؤديه على الأباعر
مكرما زين في المعاشر(1).

2. خديجة بن خويلد

هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى، كانت تحت زرارة بنت النباش، فولدت له هندا وهالة، ثم خلف عليها بعده عتيق بن عائذ، ثم خلف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكح عليها امرأة حتى ماتت(2).

وهي أول مؤمن بالله من الرجال والنساء وكانت للنبي صلى الله عليه وسلم وزير صدق عندما بعث وولده كلهم من خديجة، الا ابراهيم فإنه من مارية القبطية وله منها أربع بنات هن:

زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، توفيت وهي خمس وستين سنة، ودفنت بالحجون.

كانت السيدة خديجة رقيقة الشعر، ومن شعرها قولها في تمريغ البعير وجهه

على قدمي النبي صلى الله عليه وسلم ونطقه بفضله كرامة له

نطق البعير بفضل أحمد مخبرا
هذا الذي شرفت به أم القرى
هذا محمد خير مبحوث أتى
فهو الشفيع وخير من وطئ الثرى
يا حاسدية تمزقوا من غيظكم
فهو الحبيب ولا سواه في الورى(1).

3. رقية بنت عبدالمطلب

رقية رضي الله عنها إحدى بنات عبدالمطلب، كانت ترعى النبي صلىالله عليه وسلم صغيرا وهي عمة أخت صفية، وكان يتردد عليها قالت له يوما(2).

أبنىّ اني رابني حجر
يغدو وبكفك حيثما يغدو
وأخاف أن تلقى غويهم
أو أن يصيبك بعد من يعدو

ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لقيه جواريها يقلن.......

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع(1).

4. زينب بنت عقيل

عقيل بن أبي طالب بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم قبيل الحديبية، وكان علامة في النسب وفي أيام العرب، وقف مع معاوية في صفين ضد علي لمال طلبه منه فرفض أن يعطيه إياه على، وكان له اثنا عشر ولدا شارك معظمهم في معركة كربلا، وقد قتله عبيدالله بن زياد.

مبشرا إلى المدينة بقتل الحسين إلى عمرو بن سعيد ولما نودي بقتل الحسين ابن عمها صاح نساء بني هاشم، وأخرجت النساء إلى البقيع حاسرة تبكي قتلى الطف ومنهم أخواتها حاسرة، وهي ترثيهم(2).

ما ذا تقولون ان قال النبي لكم
ما ذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
بعترتي وبأهلي بعد مفتقدى
منهم أسارى وقتلى ضرجوا بدم
ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم
أن تخلفوني بسوء في ذوى رحمى
وقالت ايضا ترثى الحسين ومن أصيب معه
عينى ابكى بعبرة وعويل
واندبي ان ندبت آل الرسول
ستة كلهم لصلب على
قد أصيبوا وخمسة لعقيل(3).

5. الشيماء السعدية

هي الشيماء بنت الحارث بن عبدالعزى السعدية، والشيماء لقبها الذي، عرفت به واسمها حذافة، وهي أخت النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع، وأمها حليمة السعدية كانت تحضن محمدا صلى الله عليه وسلم مع أمها، وكانت تحبه وترقصه وتنشد له: (1).

يا ربنا أبق لنا محمدا
حتى أراه يافعا وأمردا
ثم أراه سيدا مسودا
وأكبت أعاديه معا والحسدا
وأعطه عزا يدوم أبدا

ووقعت الشيماء رضي الله تعالى عنها في جملة سبى المسلمين لما أغارت الخيل على قبيلة هوازن (قبيلتها) فقالت لهم: أنا أخت صاحبكم من الرضاعة فلم يصدقوها فلما قدموا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت له أنا أختك: قال: وما علامة ذلك قالت: غضة غضضتنيها في ظهرى، وأنا متوركتك فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة، فبسط لها رداءه، وأجلسها عليه، ودمعت عيناه، وقال لها:

"إن أحببت فأقيمي عندي مكرمة محببة، وان أحببت أن ترجعي إلى قومك وصلتك "فقالت: بل أرجع إلى قومي فأسلمت فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أعبد وجارية ونعما وشاء، كان ذلك سنة 8هـ(2).

6. صفية بنت عبدالمطلب

كان لعبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم من الولد عشرة من الذكور ومن الأناث ستة بنات: الذكورهم: عبدالله (أبو النبي) وأبو طالب (عم الرسول واسمه عبد مناف) وحمزة والعباس وضرار والمقوم وأبو لهب (اسمه عبدالعزى) والغيداق (لكثرة سماحة وخيرة).

أما الأناث فهن: عاتكة وأميمة والبيضاء (هي أم حكيم).

وحين قتل حبشي أخاها الأثير حمزة بن عبدالمطلب يوم أحد رثتة رثاء أخت صادقة في حبها لأخيها البطل صادقة في إيمانها، فقد كان وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي لبى نداء ربه ليحشر في جنة النعيم في زمهرة الشهداء ولا عجب في ذلك فهو أسدالله، قالت صفية تبكيه أشعارا مختلفة ثم قالت ترثى رسول الله صلى الله عليه وسلم(1).

لهف نفسي وبت كالمسلوب
أرقب الليل فعلة المحروب
من هموم وحسرة أرقتني
ليت اني سقيتها بشعوب

حين قالوا:

ان الرسول قد أمسى
وافقته منية المكتوب
حين جئنا لآل بيت محمد
فأشاب القذال مني مشيب

7. فاطمة بنت محمد

ولدت فاطمة رضي الله تعالى عنها بمكة وقريش تبنى الكعبة، والنبي صلى الله عليه وسلم عمره خمس وثلاثون سنة أمها السيدة خديجة بنت خويلد وهي صغرى بناتها من النبي صلى الله عليه وسلم (1)، وأنكحها الرسول صلى الله عليه وسلم ابن عمه عليا وعمرها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر بعد وقعة أحد.

وليبكه الطود المعظم جوه
والبيت ذوالأستار والأركان
يا خاتم الرسل المبارك قدره
صلى عليك منـزل الفرقان

ووقفت على قبر أبيها فقالت تبكيه:

قد كان بعدك انباء وهنبثة
لو كنت شاهدها تكثر الخطب
انا فقد ناك فقد الأرض وابلها
وغاب مذغبت عنا الوحى والكتب
وكل أهل له قربى ومنـزلة
عندالآله على الأدنين مقترب
ما ذا على من شم تربة أحمد
الا يشم مدى الزمان غواليها
صبت على مصائب لو انها
صبت على الأيام صرن لياليا

8. قتيلة بنت النضر

هي قتيلة بنت النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بنت عبد مناف بن عبدالدار بن قصى القرشيه العبدرية تحت عبدالله بن الحارث بن أمية الأصغر بن عبد شمس، فولدت له عليا، والوليد ومحمدا، وأم الحكم.

وذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه اذا سمع القرآن أعرض واستهزء به.

وحين جاءت قتيلة رسول الله وأنشدته هذه الأبيات رق لها النبي صلى الله عليه وسلم وبكى حتى أفضلت الدموع لحيته وقال: "لو جئتني قبل لعفوت عنه "وقيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر " يا أبا بكر لو سمعت شعرها لم أقتل أباها".

ثم ان قتيلة أسلمت ومدحت النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة عالية:

الواهب الألف لا يبغي بها بدلا
الا الآله، ومعروفا بما صنعا

قالت ترثى أباها وتخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم

يا راكبا ان الأثيل مظنة
من صبح خامسة وأنت موفق
أبلغ بها ميتا بأن تحية
ما ان تزال بها النجائب تخفيق(1).

9. نائله بنت الفرافصة

هي نائلة بنت الفراصة بن الأحوص بن عمرو وقيل غير ذلك، من بني كلب زوج عثمان بن عفان حملها إليه أخوها ضب وكان مسلما وكان أبوها نصرانيا فلما قتل زوجه عثمان رضي الله تعالى عنه: قالت فتبكيه

الا ان خير الناس بعد ثلاثة
قتيل التجيبى الذي جاء من مصر
ومالي لا أبكى وتبكى قرابتي
وقد ذهب عنا فضول أبي عمرو(1)

يقال: خطبت في القوم خطبة طويلة مؤثرة ثم أقبلت بوجهها على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: اللهم أشهد:

أيا قبر النبي وصاحبيه
عذيري ان شكوت ضياع ثوبى
فإني لا سبيل فتنفعوني
ولا أيديكم في منع حوبى(2).



(1) الأغاني: 4/137.

(2) طبقات فحول الشعراء، ص:8.

(3) طبقات فحول الشعراء، ص:207.

(4) طبقات فحول الشعراء،ص:189.

(1) طبقات فحول الشعراء،ص: 215.

(2) الأغاني، 4/143.

(1) نفس المرجع، نفس الصفحة.

(2) شرح ديوان حسان بن ثابت، ص: 259.

(3) شرح ديوان حسان، ص: 150.

(1) تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس، 2/184.

(2) أسد الغابة: 5/427-428.

(1) الفائق في غريب الحديث: 1/484.

(2) بحار الأنوار: 6/103.

(1) الغدير: 2/17.

(2) البيان والتبيين: 4/57-58.

(1) أعلام النساء: 1/389.

(2) نسب قريش: 84-85.

(3) الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة: 2-11، أعيان الشيعة: 1/622.

(1) الإصابة: 4/336.

(2) أسد الغابة: 5/481، والغدير: 2/18.

(1) حياة الصحابة:2/328-329.

(1) تهذيب الأسماء: 1/352.

(1) معجم البلدان: 1/84

= أسد الغابة: 5/533.

= نسب قريش: 255.

(1) مروج الذهب: 2/355.

(2) الأغاني: 16/251.

0 comments

Post a Comment